توقف المطابخ الخيرية.. المتطوعون المحليون يتحدّون مخاطر الحرب لإطعام ملايين السودانيين
توقف المطابخ الخيرية.. المتطوعون المحليون يتحدّون مخاطر الحرب لإطعام ملايين السودانيين
منذ اندلاع الصراع في السودان قبل 17 شهرًا، يواجه المتطوعون المحليون الذين يقدمون مساعدات غذائية مخاطر متزايدة تهدد حياتهم، خاصة مع استهداف جهودهم من قِبل طرفي النزاع.
وتوقفت العديد من المطابخ الخيرية التي تعتمد على تبرعات خاصة عن تقديم الوجبات في المناطق الأكثر تضررًا، مما زاد من تفاقم أكبر أزمة جوع في العالم، حيث يُقدر أن مئات الأشخاص يموتون يوميًا بسبب الجوع أو الأمراض المرتبطة بها. وفق وكالة رويترز.
استهداف المتطوعين والمساعدات
وأفاد 24 متطوعًا في مناطق مختلفة من السودان، مثل ولاية الخرطوم ودارفور، بأن الهجمات على المتطوعين ومطابخهم الخيرية قد تزايدت بشكل كبير. خاصة مع اتهام الجيش لهم بالتعاون مع قوات الدعم السريع وهو ما عرض بعضا منهم للاعتقالات، ودفع ببعض آخر إلى الفرار خوفًا على حياتهم، فيما تواصل قلة منهم عملها بصعوبة في ظل ظروف قاسية.
نقص التمويل وتحديات التبرعات
مع تصاعد الأزمة، ضعُف تمويل المنظمات الإنسانية الدولية وتلاشت تبرعات المغتربين وهو ما أضطر العديد من المتطوعين، إلى تقليض خدمات مطابخهم أو التوقف عن العمل تمامًا خاصة مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانهيار العملة المحلية.
تأخير وصول المساعدات
وتتردد الجهات المانحة الأجنبية في دعم المبادرات غير المسجلة، وهو ما أدى إلى تأخير وصول المساعدات. فعلى الرغم من الشراكات التي بدأت بين برامج المساعدات العالمية مثل برنامج الأغذية العالمي ومجموعات المساعدة المحلية، إلا أن عمليات الدعم تستغرق وقتًا طويلًا للوصول إلى المتطوعين. وقد تقتصر على وجبة واحدة أسبوعيًا في بعض الأحيان.
تفاقم الأزمة الإنسانية
في المناطق الأكثر تضررًا مثل دارفور والخرطوم، أصبح الوضع الإنساني مأساويًا، حيث لجأ السكان إلى أكل الحشائش وأوراق الشجر بسبب نقص الغذاء. كما أن موسم الأمطار جلب معه فيضانات وأمراضا مثل الكوليرا والملاريا، مما زاد من تعقيد الوضع واستنزاف الموارد.
ويُتوقع مع استمرار الحرب وتفاقم الاحتياجات، أن تزداد الأوضاع سوءًا. حيث يدرك المتطوعون أن كل يوم يمر دون تقديم المساعدة يُعرض المزيد من الأرواح للخطر. محذرين من أن المطابخ الخيرية التي كانت تلبي احتياجات آلاف الأشخاص ستضطر إلى مضاعفة جهودها لمواكبة الأزمة المتزايدة.
معارك مستمرة
ويشهد السودان منذ 15 أبريل 2023 معارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".
وأدّى النزاع إلى مقتل نحو 17 ألف مواطن وإصابة الآلاف، مع أن الرقم الحقيقي للقتلى قد لا يُعرف أبداً لعدم وجود إحصاءات رسمية موثقة.
وأدى الصراع كذلك إلى تدمير أجزاء كبيرة من العاصمة الخرطوم وإلى زيادة حادة في أعمال العنف المدفوعة عرقياً وإلى تشريد أكثر من 10 ملايين سوداني لجأ من بينهم أكثر من مليون شخص إلى دول مجاورة، وفق بيانات المنظمة الدولية للهجرة، وخصوصاً إلى مصر شمالاً وتشاد غرباً.
وأبرم طرفا النزاع أكثر من هدنة، غالبا بوساطة الولايات المتحدة والسعودية، سرعان ما كان يتمّ خرقها.
كما يحاول كل من الاتحاد الإفريقي ومنظمة إيغاد للتنمية بشرق إفريقيا التوسط لحل الأزمة في السودان.
ولم يفِ طرفا القتال بتعهدات متكررة بوقف إطلاق النار يتيح للمدنيين الخروج من مناطق القتال أو توفير ممرات آمنة لإدخال مساعدات إغاثية.
وتكرر المنظمات الإنسانية التحذير من خطورة الوضع الإنساني في السودان الذي كان يعدّ من أكثر دول العالم فقرا حتى قبل اندلاع المعارك الأخيرة.